الميزان..


موسيقى الخلفيّة (207)

مامِنْ أَحدٍ إلّا لديه لمسةٌ فنّيّة؛ لكنكم قد لا تفقهون تجلّياتها و مَحْياها و مَنْحاها..

فالصّانع و الحرفيّ لهما لمساتٍ ذواتا فنِّ و تميّز و ارتقاء؛ لا يتبصّره إلّا الصُّنَّاع و أهل الحِرَف من بني صنعتهم و حرفتهم

فالفَنّ لديهم ليس ناقصاً أو غائِباً؛ بل إن مقاييس الجمال و لمسات الفنّ قد يغيب عنك ميزانها لنقصٍ اعتراك في الرّؤية أو لتحيّزٍ أصابك للعليا أو لجهلٍ عندك بالفنون أو لعدم اكتراثٍ ترككَ كأعمىً في مُتحَفٍ مَشيد..

و كذا الضّرير؛ فميزانه ليس ميزان العوام، بل إنَّه يستشعر الجَمالُ لا بالبصر و لكن بإغلاق الجفون.. كلّ الفنون.. و يسير متهادياً ينصت لذوي العيون؛ فيرى ما لا يرون فقط من بين طيّات الكلام.. بل قد يردُ على السَّلام قبل بدئك بالكلام.. و كذا المَنام؛ ليست جفونه ترتخي بل إن عقله و الكلام.. حينما يشعر بالسّلام.. هذا الضّريرُ إذا تجلّى؛ أَنَّى يكون الابتسام! إنّ الفنون بنزعته ما لا تطيقه بالكلام..

أنَّى يكون الطّفل بسَّامٌ في المَنام؟! أوليس ذلك برهَنة على الجمال جال حلمه في المنام.. حتّى الكلام! هو تمتمة و بعضها يضُجّ بالابتسام.. هذا الجمال تجلّى فطرةً و مِن الفنون تجذّرت روعة الاحلام.. و عنده ما خالف الفنّ الرّفيع يجالب الآلام.. فميزان الجمال ما زاد استوجب الابتسام و ما غاض استدعى الآلام..

شكل الفنون محل دراسة العوام أمَّا طعم الفنون فهو مَحطُّ اهتمام المستسيغين.. فهي ما بين الدّراسة و الفراسة.. و هي ما بين المَظاهِرِ و المَباطن.. و هي ما بين الاتباع و الابتداع.. و هي ما بين النفور و الاستساغة..

فاحمل بين جنباتِك انبهار النَّاظِر و إحساس الضّرير..

#بقلم_محمد_عوض

أضف تعليق