
يحسب أنه مغترباً فقط لانتقاله من مكانٍ لآخر..
لا لستَ مغترباً.. بل انتَ مُستغربا..
و إنّ الغُربة الحقّة هي فقدانك للمحيط؛ سواءاً كُنتَ محاطاً بعشيرتك أم بالغرباء..
و الغرباء ليسوا منبع الشعور بالغُربة.. و عليك التفرقة ما بين الغُربة و الوحدة و الانعزال و الاعتزال، و كذا الأُلفة و الأُنس و النشوة و العِشرة..
فالغُربة ما أفقدك محيطك و إن كنت ما بين الأقربين، و الوحدة بها شعورٌ بالمحيط لكنّ بها خواءٌ داخلىّ، و الانعزال قد يقترن بالخوف أو القلق و فقد الاحتواء، أمّا الاعتزال فهو طوعاً سمة الأفاضل أو كرهاً جرّاء أذىً أصابك..
و الأُلفة من التآلف و هي ذروة سنام الودّ، و الأُنس قد يكون بالخِلّانِ آن المسرّة أو بغيرهم حين المضرّة، أمّا النّشوة هي ما كانت متعة حسّية أو معنوية سواءاً مع العموم أو الخصوص أو العابرين، و العشرة هي الخدّاعة، فلا وزن للأقرناء بالتقادم الزمنيّ بل لابد من مواقفَ فارقة لترى رأي العين مَن كان مستغِلّاً للزمان بقبحٍ و من صاغة ذلك الزمان أصيلاً، كما يزكي العطر بالتقادم..