
اتعجّب كثيراً مِمّن يتصنّعون الكلام في مقابلات العمل المعهودة، و تستحيل المقابلة إلى لعبة شطرنج يحاول فيها المرشّح للوظيفة و موظف الموارد البشرية الإطاحة ببعضهم الآخر في حوارٍ مُتَكَلّفٍ لا صدق فيه، و بذلك فإن أمهر المرشحين في الكذب أكثرهم حظوة و أمهر الموظفين في المكر أكثرهم كشفاً للحقائق.
الأحرى أن يتم الحوار في جوّ من التلقائية و ليقم الموظف بعرض متطلبات الوظيفة و اختبار المرشح من دون الخوض في أسئلةٍ وجودية أكل عليها الدهر و شرب، فلا أجد مغزىً حقيقياً من وراء سؤالٍ كنقاط القوّة أو الضعف، و يجدر بالموظف طرح أسئلة في صلب الموضوع و في صميم التخصّص، ثم المرور على بضع أسئلة تكشف النقاب عن شخصيّة المرشح كمثل السؤال عن حلولٍ تُقدّم لبعض مشكلاتٍ واقعيّة تُطرح أثناء المقابلة، و بذلك يتبين الموظف مدى بصيرة المرشّح و عمق تفكيره و قياس الجدارة و خلفياته العملية و الثقافية.
كما أنّه ليس من مصلحة المرشّح أن يتكلّف الحوار، فهو عمّا قريب سيتم افتضاح أمر كذبه، و لن يمكث طويلاً قبل انكشاف حقيقة الخديعة.
لعلّ أسلوب الحوار مع صديق هو الأفضل و الأنجع لاختيار مرشحٍ للوظيفة مرشّحاً كصديق، و هو الأمر الذي يدعو المرشّح إلى الاندماج سريعاً في الفريق و بذل الوُسع في سبيل الراحة النفسية الناجمة عن المصارحة منذ اليوم الأول.